أبو عبد الرحيم التونسي المدير
عدد الرسائل : 127 الموقع : https://tuni3ilm.yoo7.com تاريخ التسجيل : 18/10/2008
| موضوع: درر منتقاة من أعلام النبلاء للدهبي الإثنين يناير 12, 2009 1:11 am | |
| درر منتقاة من أعلام النبلاء للذهبي
قال الذهبي عند ترجمة إبراهيم الحربي: قال محمد بن مخلد العطار : سمعت إبراهيم الحربي يقول : لا أعلم عصابة خيرا من أصحاب الحديث ، إنما يغدو أحدهم ، ومعه محبرة ، فيقول : كيف فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وكيف صلى ، إياكم أن تجلسوا إلى أهل البدع ، فإن الرجل إذا أقبل ببدعة ليس يفلح . وقال أبو أيوب الجلاب سليمان بن إسحاق : قال لي إبراهيم الحربي : ينبغي للرجل إذا سمع شيئا من أدب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتمسك به . قال : فقيل لإبراهيم : إنهم يقولون : صاحب السوداء يحفظ ؟ قال : لا ، هي أخت البلغم ، صاحبها لا يحفظ شيئا ، إنما يحفظ صاحب الصفراء. وقال عثمان بن حمدويه البزاز : سمعت إبراهيم الحربي يقول : خرج أبو يوسف القاضي يوما -وأصحاب الحديث على الباب- فقال : ما على الأرض خير منكم ، قد جئتم أو بكرتم تسمعون حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم .
هبة الله اللالكائي : سمعت أحمد بن محمد بن الصقر ، سمعت أبا الحسن بن قريش يقول : حضرت إبراهيم الحربي -وجاءه يوسف القاضي ، ومعه ابنه أبو عمر - فقال له : يا أبا إسحاق ، لو جئناك على مقدار واجب حقك ، لكانت أوقاتنا كلها عندك . فقال : ليس كل غيبة جفوة ، ولا كل لقاء مودة ، وإنما هو تقارب القلوب .
و قال في ترجمة إبراهيم النخعي:
وكان يبغض المرجئة ويقول : لأنا على هذه الأمة - من المرجئة - أخوف عليهم من عدتهم من الأزارقة .
وقيل : إن إبراهيم لما احتضر جزع جزعا شديدا ، فقيل له في ذلك ، فقال : وأي خطر أعظم مما أنا فيه ، أتوقع رسولا يرد علي من ربي إما بالجنة وإما بالنار ، والله لوددت أنها تلجلج في حلقي إلى يوم القيامة.
و قال في ترجمة إبراهيم بن إبي يحي:
وقال سفيان بن عبد الملك : سألت ابن المبارك ، لم تركت حديث إبراهيم بن أبي يحيى ؟ قال : كان مجاهرا بالقدر ، وكان صاحب تدليس .
إبراهيم بن محمد بن عرعرة : سمعت يحيى القطان يقول : سألت مالكا عن إبراهيم بن أبي يحيى : أثقة في الحديث ؟ قال : لا ، ولا في دينه .
وقال أحمد بن حنبل عن المعيطي ، عن يحيى بن سعيد قال : كنا نتهمه بالكذب -يعني ابن أبي يحيى - ثم قال أحمد : قدري جهمي ، كل بلاء فيه ، تركوا حديثه ، وأبوه ثقة .
وقال العقيلي : حدثنا محمد بن أحمد بن النضر ، حدثنا أبو بكر بن عفان ، قال : خرج علينا ابن عيينة ، فقال : ألا فاحذروا ابن أبي رواد المرجئ ، لا تجالسوه ، واحذروا إبراهيم بن أبي يحيى لا تجالسوه .
و قال في ترجمة إبراهيم بن أدهم
عبد الرحمن بن مهدي ، عن طالوت : سمعت إبراهيم بن أدهم يقول : ما صدق الله عبد أحب الشهرة .
قلت : علامة المخلص الذي قد يحب شهرة ، ولا يشعر بها ، أنه إذا عوتب في ذلك ، لا يحرد ولا يبرئ نفسه ، بل يعترف ، ويقول : رحم الله من أهدى إلي عيوبي ، ولا يكن معجبا بنفسه ، لا يشعر بعيوبها ، بل لا يشعر أنه لا يشعر ، فإذا هذا داء مزمن .
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الجلودي وغيره : أن عبد الله بن اللتي أخبرهم ، قال أنبأنا جعفر بن المتوكل ، أنبأنا أبو الحسن بن العلاف ، حدثنا الحمامي ، حدثنا جعفر الخلدي ، حدثني إبراهيم بن نصر ، حدثنا إبراهيم بن بشار : سمعت إبراهيم بن أدهم يقول : وأي دين لو كان له رجال ! من طلب العلم لله ، كان الخمول أحب إليه من التطاول ، والله ما الحياة بثقة ، فيرجى نومها ، ولا المنية بعذر ، فيؤمن عذرها ، ففيم التفريط والتقصير والاتكال والإبطاء ؟ قد رضينا من أعمالنا بالمعاني ، ومن طلب التوبة بالتواني ، ومن العيش الباقي بالعيش الفاني .
و قال في ترجمة إبن أبي دئب:
قال أحمد بن حنبل : كان يشبه بسعيد بن المسيب . فقيل لأحمد : خلف مثله ؟ قال : لا . ثم قال : كان أفضل من مالك ، إلا أن مالكا - رحمه الله - أشد تنقية للرجال منه ؟ .
قلت : وهو أقدم لقيا للكبار من مالك ، ولكن مالكا أوسع دائرة في العلم ، والفتيا ، والحديث ، والإتقان منه بكثير .
قال محمد بن عمر الواقدي : ولد سنة ثمانين وكان من أورع الناس وأودعهم ، ورمي بالقدر ، وما كان قدريا ، لقد كان يتقي قولهم ويعيبه .
ولكنه كان رجلا كريما ، يجلس إليه كل أحد ويغشاه فلا يطرده ، ولا يقول له شيئا ، وإن مرض ، عاده; فكانوا يتهمونه بالقدر ، لهذا وشبهه .
قلت : كان حقه أن يكفهر في وجوههم ، ولعله كان حسن الظن بالناس .
قال أحمد بن حنبل : بلغ ابن أبي ذئب أن مالكا لم يأخذ بحديث " البيعان بالخيار " فقال : يستتاب ، فإن تاب ، وإلا ضربت عنقه . ثم قال أحمد : هو أورع وأقول بالحق من مالك .
قلت : لو كان ورعا كما ينبغي ، لما قال هذا الكلام القبيح في حق إمام عظيم . فمالك إنما لم يعمل بظاهر الحديث ; لأنه رآه منسوخا . وقيل : عمل به وحمل قوله : " حتى يتفرقا " على التلفظ بالإيجاب والقبول ، فمالك في هذا الحديث ، وفي كل حديث ، له أجر ولا بد ، فإن أصاب ، ازداد أجرا آخر ، وإنما يرى السيف على من أخطأ في اجتهاده الحرورية . وبكل حال فكلام الأقران بعضهم في بعض لا يعول على كثير منه ، فلا نقصت جلالة مالك بقول ابن أبي ذئب فيه ، ولا ضعف العلماء ابن أبي ذئب بمقالته هذه ، بل هما عالما المدينة في زمانهما - رضي الله عنهما - ولم يسندها الإمام أحمد ، فلعلها لم تصح .
و قال في ترجمة إبن أبي شيبة:
وقال الإمام أبو عبيد : انتهى الحديث إلى أربعة : فأبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له ، وأحمد بن حنبل أفقههم فيه ، ويحيى بن معين أجمعهم له ، وعلي ابن المديني أعلمهم به .
و قال في ترجمة إبن الباقلاني:
وقد سار القاضي رسولا عن أمير المؤمنين إلى طاغية الروم ، وجرت له أمور ، منها أن الملك أدخله عليه من باب خوخة ليدخل راكعا للملك ، ففطن لها القاضي ، ودخل بظهره .
ومنها أنه قال لراهبهم : كيف الأهل والأولاد ؟ فقال الملك : مه ! أما علمت أن الراهب يتنزه عن هذا ؟ فقال : تنزهونه عن هذا ، ولا تنزهون رب العالمين عن الصاحبة والولد !
وقيل : إن الطاغية سأله : كيف جرى لزوجة نبيكم ؟ -يقصد توبيخا- فقال : كما جرى لمريم بنت عمران ، وبرأهما الله ، لكن عائشة لم تأت بولد . فأفحمه .
و قال في ترجمة إبن الحداد:
الإمام ، شيخ المالكية أبو عثمان ، سعيد بن محمد بن صبيح بن الحداد المغربي ، صاحب سحنون وهو أحد المجتهدين ، وكان بحرا في الفروع ، ورأسا في لسان العرب ، بصيرا بالسنن .
وكان يذم التقليد ويقول : هو من نقص العقول ، أو دناءة الهمم .
ويقول : ما للعالم وملاءمة المضاجع .
وكان يقول : دليل الضبط الإقلال ، ودليل التقصير الإكثار .
وكان من رءوس السنة .
قال أبو بكر بن اللباد : بينا سعيد بن الحداد جالس أتاه رسول عبيد الله -يعني المهدي - قال : فأتيته وأبو جعفر البغدادي واقف ، فتكلمت بما حضرني ، فقال : اجلس . فجلست ، فإذا بكتاب لطيف ، فقال لأبي جعفر : اعرض الكتاب على الشيخ . فإذا حديث غدير خم . قلت : وهو صحيح ، وقد رويناه .
فقال عبيد الله : فما للناس لا يكونون عبيدنا ؟ قلت : أعز الله السيد ، لم يرد ولاية الرق ، بل ولاية الدين ، قال : هل من شاهد ؟ قلت : قال الله تعالى : ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله فما لم يكن لنبي الله لم يكن لغيره . قال : انصرف لا ينالك الحر . فتبعني البغدادي فقال . اكتم هذا المجلس . وقال : من طالت صحبته للدنيا وللناس فقد ثقل ظهره . خاب السالون عن الله ، المتنعمون بالدنيا . من تحبب إلى العباد بالمعاصي بغضه الله إليهم . وقال : لا تعدلن بالوحدة شيئا ، فقد صار الناس ذئابا .
و قال في ترجمة ابن الحنفية:
أنبأنا أحمد بن سلامة ، عن ابن كليب ، أنبأنا ابن بيان ، أنبأنا ابن مخلد ، أنبأنا إسماعيل الصفار ، حدثنا ابن عرفة ، حدثنا ابن المبارك ، عن الحسن بن عمرو ، عن منذر الثوري ، عن ابن الحنفية قال : ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بدا حتى يجعل الله من أمره فرجا ، أو قال : مخرجا . وعن ابن الحنفية قال : من كرمت عليه نفسه لم يكن للدنيا عنده قدر . وعنه : أن الله جعل الجنة ثمنا لأنفسكم فلا تبيعوها بغيرها .
و قال في ترجمة ابن السكيت: وقيل : كان إليه المنتهى في اللغة ، وأما التصريف فقد سأله المازني عن وزن " نكتل " ، فقال : " نفعل " ، فرده . فقال : " نفتعل " ، فقال : أتكون أربعة أحرف وزنها خمسة أحرف ؟ فوقف يعقوب . فبين المازني أن وزنه " نفتل " . فقال الوزير ابن الزيات : تأخذ كل شهر ألفين ولا تدري ما وزن " نكتل " ؟ فلما خرجا قال ابن السكيت للمازني : هل تدري ما صنعت بي ؟ فاعتذر .
و قال في ترجمة إبن الصلاح:
قلت : كان ذا جلالة عجيبة ، ووقار وهيبة ، وفصاحة ، وعلم نافع ، وكان متين الديانة ، سلفي الجملة ، صحيح النحلة ، كافا عن الخوض في مزلات الأقدام ، مؤمنا بالله ، وبما جاء عن الله من أسمائه ونعوته ، حسن البزة ، وافر الحرمة ، معظما عند السلطان ، وقد سمع الكثير بمرو من محمد بن إسماعيل الموسوي ، وأبي جعفر محمد بن محمد السنجي ، ومحمد بن عمر المسعودي ، وكان قدومه دمشق في حدود سنة ثلاث عشرة بعد أن فرغ من خراسان والعراق والجزيرة . وكان مع تبحره في الفقه مجودا لما ينقله ، قوي المادة من اللغة والعربية ، متفننا في الحديث متصونا ، مكبا على العلم ، عديم النظير في زمانه ، وله مسألة ليست من قواعده شذ فيها وهي صلاة الرغائب قواها ونصرها مع أن حديثها باطل بلا تردد ، ولكن له إصابات وفضائل . ومن فتاويه أنه سئل عمن يشتغل بالمنطق والفلسفة فأجاب : الفلسفة أس السفه والانحلال ، ومادة الحيرة والضلال ، ومثار الزيغ والزندقة ، ومن تفلسف ، عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالبراهين ، ومن تلبس بها ، قارنه الخذلان والحرمان ، واستحوذ عليه الشيطان ، وأظلم قلبه عن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، إلى أن قال : واستعمال الاصطلاحات المنطقية في مباحث الأحكام الشرعية من المنكرات المستبشعة ، والرقاعات المستحدثة ، وليس بالأحكام الشرعية - ولله الحمد - افتقار إلى المنطق أصلا ، هو قعاقع قد أغنى الله عنها كل صحيح الذهن ، فالواجب على السلطان أعزه الله أن يدفع عن المسلمين شر هؤلاء المشائيم ، ويخرجهم من المدارس ويبعدهم .
| |
|