بسم الله الرحمن الرحيم
هذه وصايا بعض الصحابة الذين هم
برك الإسلام وعصابة الإيمان وأئمة الهدى ومصابيح الدجى وأنصح الأئمة للأمة
وأعمقهم علما وأقلهم تكلفا رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين وحشرنا معهم
برحمته في جنات النعيم..آمـــــــــين
عن قتادة ، أن
أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما حضر بعث إلى عمر رضي الله عنه ، فدعاه
ليوصيه ، فلما حضر قال : اعلم أن لله عز وجل في النهار حقا لا يقبله في
الليل ، واعلم أن لله عز وجل في الليل حقا لا يقبله في النهار ، واعلم أنه
لا تقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة . واعلم أن الله عز وجل ذكر أهل الجنة
بأحسن أعمالهم ، فيقول القائل : أين يقع عملي من عمل هؤلاء ؟ وذلك أن الله
عز وجل تجاوز عن سيئ أعمالهم فلم يثربه . واعلم أن الله عز وجل ذكر أهل
النار بأسوأ أعمالهم ، ويقول قائل : أنا خير من هؤلاء عملا ، وذلك أن الله
عز وجل رد عليهم أحسن أعمالهم فلم يقبله ، واعلم أن الله عز وجل أنزل آية
الرخاء عند آية الشدة ، وآية الشدة عند آية الرخاء ، ليكون المؤمن راغبا
راهبا ، لئلا يلقي بيده إلى التهلكة ، ولا يتمنى على الله إلا الحق .
واعلم أنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في
الدنيا وثقل ذلك عليهم ، واعلم أنما خفت موازين من خفت موازينه يوم
القيامة باتباعهم الباطل في الدنيا ، وخفة ذلك عليهم . فإن أنت قبلت وصيتي
هذه ، فلا يكون شيء أحب إليك من الموت - ولا بد من لقائه - وإن أنت ضيعت
وصيتي هذه ، فلا يكونن شيء أكثر بغضا إليك من الموت ولست بمعجزه
عن ابن عمر قال
: كان رأس عمر في حجري لما طعن فقال : ضع رأسي بالأرض قال : فظننت أن ذلك
تبرم به ، فلم أفعل . فقال : ضع خدي بالأرض لا أم لك ، ويلي وويل أمي إن
لم يغفر الله عز وجل لي
عن الشعبي قال
: لما طعن عمر رضي الله عنه جاء ابن عباس فقال : يا أمير المؤمنين ، أسلمت
حين كفر الناس ، وجاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خذله الناس ،
وقتلت شهيدا ، ولم يختلف عليك اثنان ، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو عنك راض . فقال له : أعد علي مقالتك ، فأعاد عليه ، فقال : المغرور من
غررتموه ، والله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت لافتديت به من هول
المطلع
عن العلاء بن
الفضل ، عن أبيه قال : لما قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه فتشوا خزائنه ،
فوجدوا فيها صندوقا مقفلا ، ففتحوه ، فوجدوا فيه حقة فيها ورقة مكتوب فيها
: هذه وصية عثمان بن عفان : بسم الله الرحمن الرحيم عثمان بن عفان يشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه
وسلم ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، وأن الله يبعث من في القبور ليوم لا
ريب فيه ، إن الله لا يخلف الميعاد ، عليها يحيا ، وعليها يموت ، وعليها
يبعث ، إن شاء الله عز وجل
عن الشعبي قال :
لما ضرب علي بن أبي طالب رضي الله عنه تلك الضربة قال : ما فعل ضاربي ؟
قالوا : قد أخذناه . قال : أطعموه من طعامي ، واسقوه من شرابي ، فإن أنا
عشت رأيت فيه رأيي ، وإن أنا مت فاضربوه ضربة واحدة ، لا تزيدوه عليها .
ثم أوصى الحسن رضي الله عنه أن يغسله ، ولا يغالي في الكفن ، فإني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تغلوا في الكفن ، فإنه يسلب سلبا
سريعا ، وامشوا بي بين المشيتين ، لا تسرعوا بي ، ولا تبطئوا ، فإن كان
خيرا عجلتموني إليه ، وإن كان شرا ألقيتموني عن أكتافكم
عن الشعبي ، عن
سلمان الفارسي ، قال : لما حضرته الوفاة ، قال لصاحبة منزله : «هلمي خبيتي
، قال فجاءته بصرة من مسك . فقال لها : ائتيني بقدح فيه ماء . قال : فجاءت
بقدح فيه ماء . قال : فطرح المسك فيه ثم أماثه ثم قال لها : انضحيه حولي ،
فإنه يحضرني خلق من خلق الله عز وجل يجدون الريح ، ولا يأكلون الطعام قال
: ففعلت . ثم قال لها : أجيفي علي الباب ، ثم انزلي قال : ففعلت ، ثم مكثت
هنية ثم صعدت ، فإذا هو قد مات رحمة الله عليه ورضوانه
عن عامر بن
سعد ، أن سعد بن أبي وقاص أوصى في مرضه الذي هلك فيه : الحدوا لي لحدا ،
وانصبوا علي اللبن نصبا ، كما فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم
عن الزهري
، أن سعد بن أبي وقاص ، لما حضرته الوفاة دعا بخلق جبة له من صوف فقال :
كفنوني فيها ، فإني لقيت المشركين فيها يوم بدر ، وإنما كنت أخبئها لهذا
اليوم
عن عبادة بن محمد بن عبادة بن
الصامت قال : لما حضرت عبادة بن الصامت الوفاة قال : « أخرجوا فراشي إلى
الصحن - يعني إلى الدار - ثم قال : اجمعوا لي موالي ، وخدمي ، وجيراني ،
ومن كان يدخل علي ، فجمعوا له . فقال : إن يومي هذا لا أراه إلا آخر يوم
يأتي علي من الدنيا ، وأول ليلة من الآخرة ، وإنه لا أدري ، لعله قد فرط
مني إليكم بيدي أو بلساني شيء ، وهو والذي نفس عبادة بيده القصاص يوم
القيامة ، وأحرج على أحد منكم في نفسه شيء من ذلك إلا اقتص مني قبل أن
تخرج نفسي . فقالوا : بل كنت والدا ، وكنت مؤدبا قال : وما قال لخادم قط
سوءا . فقال : أغفرتم لي ما كان من ذلك ؟ قالوا : نعم ، فقال : اللهم اشهد
ثم قال : أما الآن فاحفظوا وصيتي : أحرج على كل إنسان منكم يبكي ، فإذا
خرجت نفسي فتوضئوا ، فأحسنوا الوضوء ، ثم ليدخل كل إنسان منكم مسجدا فيصلي
، ثم يستغفر لعبادة ولنفسه ، فإن الله عز وجل قال : ( واستعينوا بالصبر
والصلاة) . ثم أسرعوا بي إلى حفرتي ، ولا تتبعوني نارا ، ولا تصبغوا علي
أرجوان