العلم الشرعي في تونس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
العلم الشرعي في تونس

الكتاب و السنة على فهم سلف الأمة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلالتسجيلأهداف المنتدىدخول

 

 مثل الدنيا من الميمية ، شرح العلامة العثيمين.

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو معاذ

ابو معاذ


عدد الرسائل : 21
العمر : 43
تاريخ التسجيل : 29/12/2008

مثل الدنيا من الميمية ، شرح العلامة العثيمين. Empty
مُساهمةموضوع: مثل الدنيا من الميمية ، شرح العلامة العثيمين.   مثل الدنيا من الميمية ، شرح العلامة العثيمين. Icon_minitimeالأحد يناير 11, 2009 11:33 pm

مثل هذه الحياة الدنيا من القصيدة الميمية لابن القيم – رحمه الله تعالى – شرح الشيخ العلامة ابن عثيمين :
ولو تُبْصِرُ الدنيا وراءَ سُتُورِها ** رأيتَ خيَالا في منامٍ سَيُصْرَمُ
كحُلمٍ بطيفٍ زار في النوم وانقضَى الـْ ** ـمنامُ وراحَ الطيفُ والصبُّ مُغْرَمُ
وظِلٍّ أتتْهُ الشمسُ عند طلوعِها ** سَيُقْلَصُ في وقتِ الزوالِ ويَفْصِمُ
ومُزْنَةِ صيفٍ طابَ منها مَقِيلُها ** فولَّتْ سرِيعًا والحُرُورُ تَضَرَّمُ
ومَطْعَمِ ضيفٍ لذَّ منه مَسَاغُهُ ** وبعدَ قليلٍ حالُهُ تلكَ تُعْلَمُ
كَذا هذهِ الدُّنيا كأحلامِ نائمٍ ** ومِنْ بعدِها دارُ البقاءِ سَتُقْدِمُ
فجُزْها مَمَرًّا لا مقرًّا وكنْ بِها ** غريبًا تَعِشْ فيها حمَيِدًا وتَسْلَمُ
أو ابنَ سبيلٍ قالَ في ظِلِّ دَوْحَةٍ ** وراحَ وخلَّى ظِلَّها يَتَقَسَّمُ
أخا سَفَرٍ لا يستقرُّ قَرارُهُ ** إلى أنْ يَرى أوطانَهُ ويُسَلِّمُ
فيا عجبًا ! كمْ مَصْرَعٍ وَعَظَتْ بِهِ ** بنِيها ولكنْ عن مَصارعِها عَمُوا
سقتْهمْ كؤوسَ الحُبِّ حَتى إذا نَشَوْا ** سقتْهم كؤوسَ السُّمِّ والقومُ نُوَّمُ
و أعجبُ ما في العَبْدِ رؤيةُ هذه الـْ ** ـعَظائِمِ والمغرورُ فيها مُتَيَّمُ
وما ذاك إلا أنَّ خمرةَ حُبِّها ** لَتَسْلِبُ عقلَ المرءِ منه وتَصْلِمُ
وأعجبُ مِن ذا أن أحبَابَها الأُلى ** تُهينُ ولِلأَعْدَا تُراعِي وتُكْرِمُ
وذلكَ بُرهانٌ على أنّ قدْرَها ** جناحُ بعوضٍ أو أدقُّ و أَلْأَمُ
وحَسْبُكَ ما قال الرسولُ مُمَثِّلا ** لها ولِدارِ الخُلدِ والحقُّ يُفهَمُ
كما يُدلِيَ الإنسانُ في اليمِّ أُصْبُعًا ** ويَنْزِعهُا عنه فما ذاكَ يَغْنَمُ
ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
ولو تُبْصِرُ الدنيا وراءَ سُتُورِها ** رأيتَ خيَالا في منامٍ سَيُصْرَمُ
كحُلمٍ بطيفٍ زار في النوم وانقضَى الـْ ** ـمنامُ وراحَ الطيفُ والصبُّ مُغْرَمُ
وظِلٍّ أتتْهُ الشمسُ عند طلوعِها ** سَيُقْلَصُ في وقتِ الزوالِ ويَفْصِمُ
ومُزْنَةِ صيفٍ طابَ منها مَقِيلُها ** فولَّتْ سرِيعًا والحُرُورُ تَضَرَّمُ
ومَطْعَمِ ضيفٍ لذَّ منه مَسَاغُهُ ** وبعدَ قليلٍ حالُهُ تلكَ تُعْلَمُ
كَذا هذهِ الدُّنيا كأحلامِ نائمٍ ** ومِنْ بعدِها دارُ البقاءِ سَتُقْدِمُ
قال الشارح:
الله
أكبر ، هذه هي حال الدنيا شبهها المؤلف بعدة أمثلة ، " كحلم بطيف زار في
النوم وانقضَى الـْمنامُ وراحَ الطيفُ والصبُّ مُغْرَمُ ، الطيف : ما يطوف
بالإنسان بالنوم مما يحبه من إنسان أو حيوان أو غيره .

إنسان رأى في المنام شيئا أحبه أيا كان من بشر أو غيره ، ثم انقضى النوم ، وقلبه معلق بما رأى ، لكن أنّى له ذلك ؟!
هكذا
الدنيا كأنها أحلام نائم ، وأنت الآن إذا تدبرت الأمر ، تدبر لما كنت
صغيرا مع زملائك في السوق ، تفرح وتمرح ، ولا تذكر شيئا ؛ تذكر من عندك في
البيت أين ذهبوا ، وأين راحوا ، تذكر كل ما مضى ، تجد كأنه كالحلم ، راح
وكأنه لم يكن ، كأنها أحلام رأيتها في البارحة ، أو في أقرب نومة نمتها
وذهبت .

اعتبر
المستقبل بالماضي ، هذا المستقبل الذي تراه أمامك وكأنه آلاف السنين !
كأنك ستبقى آلاف السنين ، هذا سوف يزول كما زال ما مضى { كأنهم يوم يرونها
لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها }، { كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا
ساعة من نهار }.

هكذا الدنيا .
كذلك
أيضا كظل أرتْهُ(نسخة الشيخ:أرته) الشمسُ عند طلوعِها سَيُقْلَصُ في وقتِ
الزوالِ ويَفْصِمُ ، سيقلِص أو سيُقلص ؛ الظل طيب وبارد ولذيذ ، تريه
الشمس إذا طلعت ، ثم كلما هو ينقص ، عند الزوال يضمحل ويزول ، هكذا أيضا
الدنيا ، عند الزوال تزول! ، دار كهذه هل يليق بالعاقل فضلا عن المؤمن أن
يجعلها في قلبه أغلى من دار البقاء ، الجواب : لا والله ما يليق بعاقل
فضلا عن مؤمن أن يجعلها في قلبه أغلى من دار البقاء ، أو ينظر إليها نظرة
راغب فيها زاهد في الآخرة ، لأنه يرى أمه وأباه وأخته وأخاه وولده وزوجه
كلهم كانوا معه على ظهر هذه الدنيا ، ثم زالوا وراحوا ، ودَّعوا ، خلصوا
من الدنيا ، ما بقي إلا الجزاء فقط ، كأن لم يكونوا على هذه الدنيا ،
بينما يُرى الإنسان منها مخبِرا ، حتى يُرى خبرا من الأخبار ، وفي الدنيا
مُخبر يتحدث ، كان فلان ، وكان فلان ، وصحبتُ فلانا ، وزارني فلان ،
وجلسنا مع فلان وجلس معنا ، وهو في قبره مرتهن بعمله ، هذا هو الحقيقة
الواقعة لهذه الدنيا ، فكيف نغالي فيها ؟! وكيف نؤمل البقاء ؟! ، وكيف
نجعل ما نحصله منها أكثر في نفوسنا وأكبر مما نحصله للآخرة ؟! وما ذلك إلا
من جهلنا وظلمنا .

قال
: ومزنة صيفٍ طابَ منها مَقِيلُها فولَّتْ سرِيعًا والحُرُورُ تَضَرَّمُ ،
هذا إنسان في الفلاة ، في الحر الشديد ، صيف ، أظله الله تعالى بُمزنة
قطعة من الغمام ، بيضاء باردة ، والمزن كما نعرف جميعا يمشي ، هذه المزنة
أظلته ساعة من الزمان ، ثم راحت ، فبقي عنده الحرور يتضرم ، هكذا الدنيا
أيضا ، وقد شبهها الرسول عليه الصلاة والسلام بأنها مثل الإنسان الذي قالَ
في ظل دوحة ثم قام وتركها ، قالَ فيها حتى صار آخر النهار ، وبرد الجو ،
ثم قام فتركها .

قال : ومطعم ضيفٍ لذَّ منه مَسَاغُهُ وبعدَ قليلٍ حالُهُ تلكَ تُعْلَمُ .
والعجب
أن هذا وصفها ، وهذه حقيقتها ، ثم الإنسان لا يدري متى يرتحل منها ، هذا
الغريب أن تكون في نفوسنا إلى هذا الحد من الغلا ، ونحن لا ندري أي ساعة
نجيب داعي الله – عزوجل- ، لا يدري الإنسان ، كل إنسان والله ما يستطيع أن
يحكم بأنه سيدرك غدا ، إذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وإذا أمسيت فلا تنتظر
الصباح ، وهذه حقيقة ليست أحاديث مجالس ، هذه حقيقة واقعة ، هل ممكن أحد
يستطيع أن يجزم بأنه سيعيش إلى غد ؟! أبدا ، إذاً مهما طابت الدنيا ،
والله فليس فيها خير إلا ما كان منها مزرعة للآخرة ، فنعم الدار هي ، كما
قال الرسول عليه الصلاة والسلام في المال : " نعم المال الصالح عند الرجل
الصالح " ، " خيركم من طال عمره ، وحسن عمله " .

إذا
كان الإنسان يُعِدُّها مزرعة للآخرة ، لا يقول قولا ، ولا يفعل فعلا ، ولا
يدع شيئا إلا وهو يريد التقرب به إلى الله ،’ حتى مكالمة إخوانه والأُنْس
إليهم يبتغي بذلك وجه الله ، حينئذ تكون مزرعة للآخرة ، بل تكون جنة
مقتطعة ومقدمة من الآخرة ، كما قال أحمد بن تيمية - رحمه الله تعالى – شيخ
الإسلام لما أدخلوه في الحبس ، قال : ما يفعل أعدائي بي ؟! – يعني أي شيء
يفعلونه ؟ _ جنتي في صدري ، جنته في صدره رحمه الله تعالى ، علم وإيمان
ونور وطمأنينة ، هذه الجنة نسأل الله من فضله ، وليست الجنة هي البستان
الذي إذا خرج إليها فيها نخيل تهتز ،وفواكه وغيره ، هذه جنة جسد ! ، لكن
جنة القلب لا يعدلها شيء ، قال : " جنتي في صدري ، إنّ حبسي خلوة ! ،
ونفيي سياحة ! ، وقتلي شهادة ! " ، الله أكبر ، انظر إلى اليقين العجيب !
، سبحان الله العظيم ، هذا من يقين الرسل – عليهم الصلاة والسلام – لما
خرج موسى بقومه ، واتبعهم فرعون بقومه ، وصاروا بين البحر وبين جنود فرعون
، قال أصحاب موسى : إنا لمدركون ! ، البحر أمامنا إن خضناه غرقنا ، وفرعون
بجنوده خلفنا إن أدرَكَنا أهلكنا ، فقال بطمأنينة : كلا ، لسنا مدركين ،
إن معي ربي سيهدين ، الله أكبر انظر إلى اليقين في هذه الشدة ، فأوحى الله
أن اضرب البحر ، فضربه فانفلق في الحال ، ويبس في الحال ، { اضرب لهم
طريقا في البحر يبسا } ، فخرجوا كلهم عن آخرهم ، ودخل فرعون بجنوده عن
آخرهم ، فأوحى رب العزة والجلال إلى هذا البحر أن انطبق فانطبق على فرعون
وجنوده ، فغرقوا ، وأولئك نجوا ، الله أكبر ، اللهم ارزقنا الإيمان
واليقين ، يعني من يصل إلى هذه الدرجة إلا منْ منّ الله عليه باليقين
التام .

أنا أقول : الإنسان ينبغي له أن يجعل هذه الدنيا مزرعة الآخرة لينتفع بها .
فجُزْها مَمَرًّا لا مقرًّا وكنْ بِها ** غريبًا تَعِشْ فيها حمَيِدًا وتَسْلَمُ
قال الشارح :
صحيح
، هذه نصيحة من ابن القيم – رحمه الله تعالى – أن يجوز هذه الدنيا على
أنها ممر لا مقر ، وأن نكون فيها غرباء ، كالغريب الذي لا يريد الاستيطان
، فإنك تعيش حميدا وتسلم ، لكن البلاء كل البلاء أن يتخذها الإنسان مقرا
وموطنا ، لأنه إذا اتخذها مقرا وموطنا غفل عن الآخرة بلا شك ، لأنه يرى أن
هذه موطن ، مع أنه يوم القيامة يقول : { يا ليتني قدمت لحياتي } ، ويقول
الله عزوجل : { وإن الدار الآخرة لهي الحيوان }. هي الحياة العظيمة
الحقيقية ، ولهذا جاءت { لهي الحيوان } أي الحياة الكاملة ، وهنا يقول :
تعيش فيها حميدا وتسلم .


أو ابنَ سبيلٍ قالَ في ظِلِّ دَوْحَةٍ ** وراحَ وخلَّى ظِلَّها يَتَقَسَّمُ
قال الشارح :
اللهم قونا على ذلك .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو معاذ

ابو معاذ


عدد الرسائل : 21
العمر : 43
تاريخ التسجيل : 29/12/2008

مثل الدنيا من الميمية ، شرح العلامة العثيمين. Empty
مُساهمةموضوع: رد: مثل الدنيا من الميمية ، شرح العلامة العثيمين.   مثل الدنيا من الميمية ، شرح العلامة العثيمين. Icon_minitimeالأحد يناير 11, 2009 11:34 pm

أخا سَفَرٍ لا يستقرُّ قَرارُهُ ** إلى أنْ يَرى أوطانَهُ ويُسَلِّمُ
فيا عجبًا ! كمْ مَصْرَعٍ وَعَظَتْ بِهِ ** بنِيها ولكنْ عن مَصارعِها عَمُوا
قال الشارح :
صحيح
من العجب أن المصارع – مصارع الدنيا - التي وعظت به بنيها كثيرة ، ولكن عن
مصارعها عموا ، ولنأخذ أمثلة من هذا ، ما أكثر ما نرى من الأغنياء يعودون
فقراء ، بينما يتكفف الناس إليهم أيديهم ، صاروا يتكففون الناس ! ، مثل
هؤلاء الموت خير لهم من الحياة ، لأنهم ذاقوا الذل بعد العز .

كم
من إنسان قوي العضلات ، في عنفوان شبابه ، ونضرة وجهه ، أصيب بحادث أهزله
بعد السِّمَن ، وأغبر وجهه بعد النضارة ، وصار من رآه يرق له ويحزن عليه .

كم من إنسان بنى وأمّل ، وذهب خياله إلى زمن بعيد ، ولكنه لم يسكن ما بنى.
كم من إنسان غرس وحرث يؤمل أن يستمتع بثمرات ما غرس ، وما زرع ، ولكن يحال بينه وبينه .
وخذ من هذه الأمثلة الكثيرة ؛
كم
من أناس نحن علمناهم في عصرنا ، وسمعنا عنهم فيما سبقنا ، كانوا كثرة
مجتمعين ، أخ مع أخيه مع أبنائهم ، مع بناتهم ، مع أهليهم ، مجتمعين ، في
بيت أو بيوت متقاربة ، لكنهم على أكثر ما يكون من الأنس والفرح والسرور ،
فإذا بهم يتفرقون بموت أو مصائب أو فقر ، أو عدو ، أو غير ذلك ، أليس هذا
واقعا ؟!

بلى واقعا وكثيرا ، إذا لماذا لا نتعظ ؟! ، يجب علينا أن نتعظ بما تعظ به الدنيا بنيها .
كيف نتعظ ؟!
ليس
الاتعاظ معناه أن نبكي إذا ذكرنا هذه الأحوال ، الاتعاظ أن نتخذ هذه
الأحوال عبرة ، وأن هذه الدنيا ليست دار مقر ، وليست دار نعيم مقيم ، وأن
الآخرة هي دار المقر ، وهي دار النعيم المقيم ، فنأخذ من هذه الدنيا ما
نجعله سَلَما للآخرة ، كأنما نقدم الثمن لسلعة منتظرة ، وحينئذ تربح
الدنيا والآخرة ، ولا أحد ألذ وأنعم عيشا وأطيب قلبا ، وأهدأ بالا ، لا
أحد مثل المؤمن العامل للصالحات ، { من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن
فلنحيينه حياة طيبة }. أنا أقول لكم هذا مع أني مقصر ! ، لكن أرجو أن يكون
في كلامي خير لي ولكم وبركة .

يجب أن نلاحظ الأمر بدقة ، ونعرف ماذا صنعنا ؟
أين
الإيمان الذي يحل بالقلب حتى تتساوى عنده أقدار الله عز وجل ؟!، الخير
والشر من الله يطمئن إليه ، وإن كان الشر لا ينسب إلى الله تعالى ، لكنه
من قضائه ، أي من مقضياته ، فتجد الإنسان مطمئنا ، إن أصابته سراء شكر ،
ولم يحمله ذلك على الأشر والبطر ، وإن أصابته ضراء صبر ، ولم يحمله ذلك
على الجزع والتسخط وكراهة قضاء الله – عز وجل – بل يعلم أن الله له الحكمة
فيما قضى وقدر ، فيطمئن له قلبه ، ويبقى دائما مسرورا ، والله لا أحد أنعم
من الإنسان المؤمن بالقضاء والقدر على الوجه الصحيح المطلوب أبدا .

سقتْهمْ كؤوسَ الحُبِّ حَتى إذا نَشَوْا ** سقتْهم كؤوسَ السُّمِّ والقومُ نُوَّمُ
قال الشارح :
الله أكبر ، أظن أن البيت واضح معناه ، يعني أنها تغريهم وتغرهم ، فإذا بها تخدعهم وتمكر بهم ، ثم قال :
و أعجبُ ما في العَبْدِ رؤيةُ هذه الـْ ** ـعَظائِمِ والمغرورُ فيها مُتَيَّمُ
وما ذاك إلا أنَّ خمرةَ حُبِّها ** لَتَسْلِبُ عقلَ المرءِ منه وتَصْلِمُ
قال الشارح :
تصلم يعني تقطع .
وأعجبُ مِن ذا أن أحبَابَها الأُلى ** تُهينُ ولِلأَعْدَا تُراعِي وتُكْرِمُ
قال الشارح :
هذا
المشكل ، أحيانا يكون المتيم بها المحب ، من أقل الناس حظا فيها ! ، تجده
لا ينام الليل من طلب الحياة الدنيا ، دائما شاغل في فكره وعقله وقوله
وفعله ، لا ينام ولا يستريح ، ومع ذلك هو أقل الناس حظا منها ، وهذا شيء
مشاهد ومجرب ، هذا من العجب ، كيف تجعل أكبر همك ، ومبلغ علمك هذه الحياة
الدنيا ، التي أنت فيها من أشقى عباد الله ؟!!.

وذلكَ بُرهانٌ على أنّ قدْرَها ** جناحُ بعوضٍ أو أدقُّ و أَلْأَمُ
وحَسْبُكَ ما قال الرسولُ مُمَثِّلا ** لها ولِدارِ الخُلدِ والحقُّ يُفهَمُ
كما يُدلِيَ الإنسانُ في اليمِّ أُصْبُعًا ** ويَنْزِعهُا عنه فما ذاكَ يَغْنَمُ
قال الشارح :
يعني مثل الحياة الدنيا في الآخرة ، كرجل جعل أصبعه في اليم – وهو البحر – ثم نزعه فلينظربم
يرجع ، لم ينقص البحر ، وهذا كقول الله – عز وجل – في الحديث القدسي : ((
يا عبادي : لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ، قاموا في صعيد واحد ،
فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص
المخيط إذا غمس في البحر )).

الله
أكبر ، هل ينقص ؟ لا ، لكن هذا من باب تأكيد الشيء بما يشبه النفي ، ما
نقص إلا .... تتوقع أنه سيأتي شيء بيِّن أنه ناقص ..، قال : إلا كما ينقص
المخيط إذا غمس في البحر .


والحمد لله رب العالمين .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مثل الدنيا من الميمية ، شرح العلامة العثيمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نصيحة من العلامة ربيع المدخلي
» العلامة الشيخ محمد الخضر حسين
» آثار ترك الذنوب في الدنيا والآخرة
» دعاء جامع لخير الدنيا والآخرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
العلم الشرعي في تونس :: طلب العلم في تونس :: الرقائق و المواعظ-
انتقل الى: